معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي يؤكد: 90% من البنية التحتية العالمية مهدرة ويجب إعادة التفكير في التخطيط الحضري وذلك خلال مشاركته في مؤتمر "بيلد 360" بدبي لمناقشة مستقبل البناء الذكي والاستدامة
ألقى معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، الكلمة الافتتاحية لمؤتمر التشييد 360 لقطاع الهندسة الميكانيكية والكهربائية والسباكة (BUILD360 MEP 2025) ، والتي جاءت شاملة في رؤيتها ومعمقة في تحليلها، حيث أكد في مستهلها سعادته بالمشاركة في فعالية تفتح آفاقًا جديدة أمام العاملين في قطاعات الهندسة والاستدامة والإعلام، مشيرًا إلى أن هذا الحضور النوعي يجسد روح التعاون والمسؤولية تجاه مستقبل المدن والبيئة.
جاء ذلك خلا انعقاد مؤتمر التشييد 360 لقطاع الهندسة الميكانيكية والكهربائية والسباكة (BUILD360 MEP 2025) في دبي، تحت شعار "مؤتمر بيلد 360 لأنظمة الميكانيكا والكهرباء والسباكة"، بتنظيم من منصة MEP الشرق الأوسط التابعة لمجموعة ITP الإعلامية، وذلك في فندق الريتز كارلتون بمدينة دبي، صباح أمس الأول، وسط حضور رفيع المستوى من صُنّاع القرار والخبراء والمتخصصين في مجالات الهندسة والبنية التحتية والتقنيات المستدامة.
ويعد المؤتمر منصة متقدمة لمناقشة أحدث الاتجاهات والابتكارات المستقبلية في القطاع، ضمن رؤية شاملة تستشرف ملامح التحول نحو الاستدامة، والابتكار في البناء، وتخطيط المدن الذكية، بما يتماشى مع الأهداف البيئية والتحولات العالمية.
وشكل "مؤتمر بيلد 360" فرصة استثنائية لتبادل الخبرات بين الجهات الحكومية والخاصة، وتأكيد أهمية التحول إلى نماذج عمرانية أكثر ذكاءً واستدامة، تواكب المتغيرات المناخية والتكنولوجية
وأشار معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي إلى أن مشاركاته السابقة كانت تركز غالبًا على التغير المناخي وتأثيراته العالمية، إلا أن حديثه في هذا المؤتمر تناول جانبًا مختلفًا لا يقل أهمية، وهو فعالية الحوكمة في التخطيط الحضري.
وبيّن أن التخطيط الحضري لا يقتصر على توزيع الأراضي أو إقامة المباني، بل يشمل منظومة متكاملة من عناصر الهندسة، والبنية التحتية، والإسكان، والاستدامة، والإدارة الحكومية، مؤكدًا أن وجود حكومات ذات رؤية واستراتيجية طويلة الأمد، يمكن أن يمنح المهندسين والمخططين الثقة في أن جهودهم اليوم ستصمد أمام تحديات الغد.
ونوّه معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي إلى قضية محورية، قائلاً إن العالم اليوم يعاني من هدر كبير في البنية التحتية يصل إلى 90%، وهي نسبة مذهلة تعكس حاجة ملحة إلى مراجعة شاملة لآليات التخطيط والتنفيذ، مضيفًا: إذا كان كل شيء تقريبًا يُهدر، فإننا مطالبون بأن نعيد التفكير جذريًا في كيفية تصميم وتنفيذ مشاريعنا العمرانية، بما يحقق الكفاءة والمرونة والاستدامة.
واستعرض النعيمي خمسة معايير وتحديات أساسية تواجه دول الجنوب العالمي، خاصة في ظل تسارع التغير المناخي وتزايد الأزمات الحضرية، مبينًا أن هذه الدول تواجه مشاكل متراكمة تتعلق بالتخطيط والنمو السكاني العشوائي.
وأوضح أن النمو السكاني المتسارع أدى إلى نشوء مدن مكتظة، مشيرًا إلى أن الخلل ليس في الأعداد فقط، بل في غياب التخطيط الهندسي الصحيح منذ قرون، واستشهد بتقارير صادرة عن الأمم المتحدة تؤكد أن أكثر من 75% من سكان العالم الحضري يعيشون في مناطق مزدحمة تفتقر إلى البنية التحتية المنظمة.
كما أشار إلى أزمة المستوطنات العشوائية، لافتًا إلى أن أكثر من مليار إنسان حول العالم يعيشون في مساكن غير آمنة وغير صحية، وهو رقم يعكس خللاً عميقًا في نظم الإسكان والتوزيع الحضري.
وفي ختام كلمته، أكد معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي أن الاستدامة لم تعد خيارًا بل أصبحت مسؤولية، داعيًا إلى تبني نهج شامل في السياسات الحكومية، وتحفيز التعاون الإقليمي والدولي، وتفعيل الابتكار في التصميم والتشييد لتحقيق مرونة مناخية حقيقية، وضمان مستقبل حضري آمن ومنصف للجميع.
حظي المؤتمر بتفاعل كبير من المشاركين والحضور، وشهد نقاشات متعمقة حول قضايا الاستدامة وتحديات البناء الذكي، وابتكارات أنظمة التكييف، وكفاءة الطاقة، والاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة مشاريع البناء، إلى جانب دراسات متخصصة حول الامتثال لشهادات المباني الخضراء مثل LEED وغيرها.